جاري التحميل الآن

آخر الأخبار

قصة معن بن أوس وزواجه من ليلى وطلاقها

قصة خروج معن بن أوس إلى البصرة وزواجه من ليلى وطلاقها، وما قاله من الشعر
خرج معن بن أوس المزني إلى البصرة ليمتار منها ويبيع إبلاً له، فنزل على قومٍ من عشيرته، فتولت ضيافته امرأةٌ من أقاربه تُدعى
ليلى، وكانت ذات جمالٍ ويسار، فخطبها وتزوجها، وأقام عندها حولاً في أنعم عيش. ثم قال لها بعد الحول: يا ابنة عم، لقد تركت ضيعةً لي ضائعة، فلو أذِنتِ لي رجعت سنةً أصلح مالي وأرى أهلي، فأذنت له. فلما طالت غيبته رحلت إلى المدينة تسأل عنه، فقيل لها: إنه بـ
عُمق، وهو ماء لمزينة، فخرجت إليه. وبينما هو يطلب ذوداً أضلّها إذ مرّ بمكانها، فاستسقى من القوم، فجاءته وصيفتها
منهلة بقدح، فعرفته، فأخبرت مولاتها ليلى، فاستدعته وغسلت رأسه وجسده وألبسته وثيابه الطيبة، وأقام عندها ليلته في أنسٍ وسرور، ثم غدا إلى عُمق فأعدّ لها طعاماً ونحر ناقةً وغنماً. وكان لمعـنٍ هناك زوجة تُدعى
أم حُقّة، فلما علمت بليلى قالت له: هذه خيرٌ لك مني، فطلّقني، وكانت حُبلى، فحزن لذلك. ثم رحلت ليلى إلى مكة حاجّةً ومعن معها، فلما فرغا من حجهما ورجعا، وحاذا منعرج الطريق إلى عُمق، قال معن: يا ليلى كأن فؤادي ينعرج إلى هذا الموضع، فلو أقمنا سنتنا هذه حتى نحج من قابل، ثم نرجع إلى البصرة، فقالت: ما أنا ببارحة مكاني حتى ترحل معي إلى البصرة أو تطلقني، فقال: أما إذ ذكرت الطلاق فأنت طالق. فرجعت ليلى إلى البصرة، ورجع هو إلى عُمق، فلما فارقها وتبعتها نفسه، أنشد يقول:

توهمتُ ربعاً بالمعبرِ واضحاًأبت قُرّتاهُ اليومَ إلا تَراوحا
وبانَتْ نواها من نواكَ وطاوعتْمع الشانئينَ الشامتاتِ الكواشحا
فقولا لِليلى هل تُعوِّضْ نادماًلهُ رَجعةٌ قالَ الطلاقَ مُمازحا
ثم لما رجع إلى عُمق قالت له زوجته أم حُقّة: ما فعلت ليلى؟ قال: طلّقتها. فقالت: والله لو كان فيك خير ما فعلت، فطلّقني أنا أيضاً. فقال فيها:
أعاذلُ أقصري ودَعي بياتيفإنكِ ذاتُ لوْماتٍ حُماتِ
نأتْ ليلى فليلى لا تُواتيوضنَّتْ بالمودَّةِ والبتاتِ
وحلَّتْ دارَها سَفوانَ بَعْديفذا قارٍ فنخرقِ الفُراتِ
هذه القصة من أبلغ ما رُوي عن معن بن أوس المزني في وفائه وشعره الرقيق، وقد صوّر فيها مشاعر الندم والحنين بأسلوبٍ جزِلٍ مؤثرٍ ظلّ يُروى جيلاً بعد جيل.

Share this content: