جاري التحميل الآن

آخر الأخبار

الخبير في الأنظمة السعودية وحق المتهم في تقديم تقرير استشاري وفق المادة (77) من نظام الإجراءات الجزائية

الخبير في الأنظمة السعودية وحق المتهم في تقديم تقرير استشاري وفق المادة (77) من نظام الإجراءات الجزائية
مقدمة عن دور الخبير في الأنظمة السعودية
يُعد الخبير أحد أهم أدوات العدالة في الأنظمة السعودية، إذ يُستعان به لتوضيح المسائل الفنية أو التخصصية التي تحتاج إلى رأي علمي أو تقني. فالخبير ليس خصمًا ولا شاهدًا، بل هو عنصر محايد يقدم الرأي الفني الموضوعي الذي يُعين القاضي أو المحقق على الوصول إلى الحقيقة عبر الدليل العلمي.
المواد النظامية التي ورد فيها ذكر الخبير وندبه
ورد ذكر الخبير في عدة أنظمة سعودية، من أبرزها نظام الإجراءات الجزائية في المادتين (67) و(77) المتعلقتين بندب الخبراء وحق الخصوم في تقديم تقرير استشاري، ونظام المرافعات الشرعية في المواد (132) إلى (139) التي نظمت إجراءات ندب الخبراء وأداء اليمين وتقديم التقارير والاعتراض عليها، ونظام المحاكم التجارية في المادة (114) وما بعدها التي تجيز ندب الخبراء في القضايا ذات الطبيعة الفنية والمحاسبية، واللائحة التنفيذية لنظام الإجراءات الجزائية التي أوضحت آلية تمكين الخصوم من الاطلاع على تقارير الخبراء وطلب نسخ منها بإذن من المحقق. ومن خلال هذه النصوص يتضح أن الخبير يمثل حلقة وصل بين القانون والعلم، ويُسهم في تحقيق العدالة الفنية القائمة على الدقة والموضوعية.

حق المتهم في الاستعانة بخبير وفق المادة (77)
تُعد المادة (77) من نظام الإجراءات الجزائية من أهم المواد التي تعزز حق الدفاع، إذ تتيح للمتهم أن يقدم تقريرًا من خبير استشاري يساند موقفه الفني أمام جهة التحقيق أو المحكمة، وبذلك يتحقق التوازن بين تقرير الخبير الرسمي والرأي الفني المستقل.
النص النظامي للمادة (77)
«على الخبير أن يقدم تقريره كتابةً في الموعد الذي حدده المحقق، وللمحقق أن يستبدل به خبيرًا آخر إذا لم يقدم التقرير في الموعد المحدد له، أو وُجد مقتضى لذلك، ولكل واحد من الخصوم أن يقدم تقريرًا من خبير آخر بصفة استشارية.»

تفسير المادة (77)
يظهر من النص أن النظام منح كل خصم، ومنهم المتهم، حقًا صريحًا في الاستعانة بخبير آخر لإعداد تقرير استشاري، مما يُمكّن المتهم من مناقشة الرأي الفني الرسمي وطرح وجهة نظر فنية مقابلة تستند إلى أسس علمية، ويمنع الانفراد بتفسير الدليل الفني من جهة واحدة فقط.
تفسير اللائحة التنفيذية للمادة
نصت اللائحة التنفيذية بوضوح على أنه يجوز لأيٍ من الخصوم أن يطلب من جهة التحقيق تمكينه من الاطلاع على الأشياء والأوراق والمستندات المتعلقة بتقرير الخبير، ويطلب صورًا منها، ويكون الإذن في ذلك من صلاحية المحقق. ويُفهم من ذلك أن المتهم يستطيع، بإذن رسمي، الاطلاع على تقرير الخبير والمستندات الفنية المرتبطة به، ثم تكليف خبير استشاري لإعداد تقرير مستقل يعرض رأيًا فنيًا معاكسًا أو مكمّلًا.

حدود حق المتهم في الاستعانة بخبير
يحق للمتهم الاستعانة بخبير استشاري، لكن لا يحق له تعطيل التحقيق بانتظار تقريره، كما أن للمحقق صلاحية تقدير الموافقة على الطلب وفق نوع القضية وطبيعتها الفنية، ويُضاف التقرير الاستشاري إلى ملف الدعوى كمستند دفاعي يناقش أمام المحكمة، ويمكن للمحامي لاحقًا الاعتراض على تقرير الخبير الرسمي استنادًا لما ورد في التقرير الاستشاري.
الفروق بين الخبير الرسمي والخبير الاستشاري
الخبير الرسمي يُندب بقرار من جهة التحقيق أو المحكمة ويُعد تقريره جزءًا من ملف الدعوى وله حجية نظامية، بينما الخبير الاستشاري يختاره أحد الخصوم لتقديم رأي فني مستقل بصفة استشارية غير ملزمة، ويُستخدم تقريره كوسيلة دفاعٍ مساندةٍ. واستبدال الخبير الرسمي يكون من صلاحية المحقق أو القاضي، أما الخبير الاستشاري فمن حق الخصم تغييره، كما أجازت اللائحة التنفيذية للخصوم الاطلاع على تقارير الخبراء الرسمية لتسهيل إعداد تقاريرهم الاستشارية.

خلاصة المقال
إن المادة (77) من نظام الإجراءات الجزائية تُعد من الضمانات المهمة لتحقيق العدالة الفنية، إذ تتيح للمتهم أن يوازن بين الرأي الرسمي الصادر من جهة التحقيق والرأي الفني المستقل، مما يعزز الشفافية ويمنع الانفراد بتفسير الدليل الفني من جهة واحدة فقط. وبهذا يدعم النظام السعودي مبدأ الدفاع المتكامل القائم على التوازن بين القانون والعلم.
المراجع النظامية ذات الصلة

Share this content: