جاري التحميل الآن

آخر الأخبار

شعر معن بن أوس المزني رضي الله عنه

معن بن أوس المزني وقبيلته مزينة

كان معن بن أوس المزني شاعرًا عربيًا فذًّا من المخضرمين أدرك الجاهلية والإسلام، وتميّز شعره بالحكمة والجزالة والرقة. نشأ في قبيلة مزينة العدنانية العريقة قرب المدينة المنوّرة، واشتهرت بالشجاعة والفصاحة والقيادة، ومن رجالها النعمان بن مقرن رضي الله عنه قائد فتح نهاوند، وأخوه معقل بن مقرن أمير البصرة زمن عمر رضي الله عنه. وأنجبت مزينة شعراء كبارًا في مقدّمتهم زهير بن أبي سلمى وابنه كعب بن زهير صاحب القصيدة الشهيرة بانت سعاد، وهكذا جمعت مزينة بين سيف القتال ولسان الشعر، فكان معن امتدادًا لهذا المجد، حكمةً وبلاغةً وشرفَ كلمةٍ، وبقي اسمه خالدًا في تاريخ الأدب العربي والإسلامي. وفي العصر الحديث واصل شعراء مزينة هذا الإرث الأدبي الرفيع، فبرز منهم سبيل بن سند وجزاء بن صالح العسيلي وأبو العون وزيد الحثل ومبشر وزويد الهويملي وعيد سمير وفهد هجاج والتويجري والمرواني والقَعْب والدباغ والشامي وغيرهم من فطاحلة الشعر الذين حملوا لواء الكلمة النبيلة وحافظوا على موروث القبيلة في الفروسية والوفاء والعزّة، لتبقى مزينة — قديمها وحديثها — مدرسةً للشعر والمروءة والبيان.

قصائده المشهورة

قصيدة علَّمْتُه الرماية تُروى في قصة ابنه الذي علّمه الرماية حتى رماه؛ وفيها يصف حزنه وخيبته:

فَيَا عَجَبًا لِمَنْ رَبَّيْتُ طِفْلًا
أُلَقِّمُهُ بِأَطْرَافِ الْبَنَانِ
أُعَلِّمُهُ الرِّمَايَةَ كُلَّ يَوْمٍ
فَلَمَّا اشْتَدَّ سَاعِدُهُ رَمَانِي
وَكَمْ عَلَّمْتُهُ نَظْمَ الْقَوَافِي
فَلَمَّا قَالَ قَافِيَةً هَجَانِي
أُعَلِّمُهُ الْفُتُوَّةَ كُلَّ وَقْتٍ
فَلَمَّا طَرَّ شَارِبُهُ جَفَانِي

وقصيدته لَعَمْرُكَ ما أدري قالها في عتاب صديقٍ قطع صلته به؛ وهي من أصدق ما قيل في الوفاء والعتب الكريم:

لَعَمْرُكَ ما أَدري وَإِنّي لأَوْجَلُ
عَلى أَيِّنا تَغْدو المَنِيَّةُ أَوَّلُ
وَإِنّي أَخوكَ الدائِمُ ما اِلْتَمَسَتْ
بِيَ الوَصْلَ مِنِّي أُمُّ أَوْسٍ وأَخْجَلُ

وأما قصيدة وذي رَحِمٍ فهي من درر الحِلم وصلة الرحم وكظم الغيظ:

وَذِي رَحِمٍ قَلَّمْتُ أَظْفَارَ ضِغْنِهِ
بِحِلْمِيَ عَنْهُ وَهُوَ لَيْسَ لَهُ حِلْمُ
وَيَسْعَى لِيَهْدِمَ صَالِحِي فَأُعِيدُهُ
فَلَيْسَ الَّذِي يَبْنِي كَمَنْ شَأْنُهُ الهَدْمُ

Share this content: