جاري التحميل الآن

آخر الأخبار

قصة نويشي الحربي

نويشي بن ناشي الحربي — قصة الوفاء والخوي التي خلدها التاريخ في جزيرة العرب

تُعد قصة نويشي بن ناشي من المشاعلة من بني عمرو من حرب من أشهر قصص الوفاء والشهامة التي تناقلها عرب الجزيرة العربية؛ فقد عاش في وادي الفرع بمنطقة المدينة المنورة في القرن الثالث عشر الهجري تقريبًا، واشتهر بوفائه النادر حين بذل نفسه في سبيل خويه، فأصبحت قصته مضرب مثل في حماية الجار وصون الذمم والعهود، وسارت بها الركبان حتى صارت رمزًا خالدًا للمروءة والنخوة والكرم العربي الأصيل.

🏕️ قصة من قصص الوفاء والشهامة ومن معجزات قبيلة حرب الثلاث

يقول الراوي فايز الحربي إن نويشي عاش في وادي الفرع التابع لبني عمرو من حرب، وكان في إحدى الأيام قد أجار رجلًا يُعرف بـاليتيم من ذوي بدير من مطير. وبينما كان اليتيم في حاجةٍ له تعرّض له خصومه فقتلوه رغم أنه في ذمة نويشي. وعندما علم نويشي بذلك تأثّر تأثّرًا بالغًا، إذ كان القتلة من جماعته وبينهم خاله وابن عمه مطلق، لكنه لم يتردد في الأخذ بثأر خويه، فقتل ستةً منهم حتى بلغ السابع وكان ابن عمه نفسه.

قصيدة نويشي التي قالها في خويه البديري

يا راكب اللى شايبات مقاريهمثل الظليم إلى ضرب له قرارا
يسرح وممساه البديري حراويهاللي نزل بين السهل والوعارا
خوينا يا متلف الروح نغليهواللي ورا الصبيان دربه عسارا
مطلق مطيحه بايمن السوق شوفيهفوقه رمن اشنودهن العذارا
ارخصت عمي ما أحسب القلب يصخيهعند الخوي كنه حتين الجفارا
أقفى مع الطاروق دمه يباريهدمه مع الطاروق يغشى الجدارا
أحد سمع واحد بالأعيان راعيهالبدو والحضران فوقه صيارا
ذا فعل ولد القبع من دون عاتيهيسمع به اللي في بعيد الديارا

وبعد تلك الحادثة توقّف نويشي عن القتال بعدما توسّط شيوخ القبيلة ووعدوه بإرضاء أهل البديري ودفع الديات. ومنذ ذلك اليوم ذاعت قصته في أرجاء نجد والحجاز وأصبحت مضرب مثل في الوفاء، حتى استشهد بها شعراء الجزيرة في أشعارهم ومواقفهم.

قصيدة فلاح الحرصاني المطيري تأثرًا بموقف نويشي

لا واهني نويشي اللي قضى الدينوجهه كما القمرا من أول شهرها
وأنا ديوني مرمسات زمانينأمشي وكني دارع في غدرها
أحيا اليتيم واقعده بالنبا الزينيستاهل البيضا بدار حضرها
عقب أربعة واثنين يسلم من الشينغير اليمين اللي نويشي بترها

هذه القصيدة أصبحت مثالًا خالدًا يُستشهد به في مواقف الوفاء والخوة، حتى أن ابن رشيد تمثّل بها في مجلسه، وقال إنها من أعظم ما قيل في الشهامة العربية.

إن قصص الوفاء والشجاعة في قبيلة حرب ليست مجرد روايات تُروى، بل ميراث خالد من المروءة والعز والكرامة، يجسد معجزات ثلاث خلدت القبيلة في صفحات التاريخ العربي الأصيل. فـنويشي الحربي رمز الوفاء، ودخيل البلالي مثال التضحية، وخلف بن ناحل معجزة الكرم؛ ثلاثتهم جعلوا من اسم قبيلة حرب عنوانًا للمجد والشهامة والوفاء.

لمحة تاريخية — قبيلة حرب وكثرة قصص الفزعة والكرم

تمتد جذور قبيلة حرب في جزيرة العرب بتاريخٍ زاخر بالمواقف النبيلة والفزعات الصادقة وإغاثة الملهوف. ومن الشواهد اللامعة قصة حسن العبيدي الذي أقرض رجالًا غرباء من الذهب في زمن العوز، دون أن يعرفهم، فكانت مروءته وكرمه امتدادًا لذلك الإرث الذي يجري في دماء الحُروب.

Share this content: