مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَن يَكُونَ لَهُۥٓ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِى ٱلْأَرْضِ ۚ تُرِيدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنْيَا وَٱللَّهُ يُرِيدُ ٱلْءَاخِرَةَ ۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌۭ
﴿٦٧﴾سورة الأنفال تفسير السعدي
هذه معاتبة من اللّه لرسوله وللمؤمنين, يوم " بدر " إذ أسروا المشركين, وأبقوهم لأجل الفداء.
وكان رَأْيُ أمير المؤمنين, عمر بن الخطاب في هذه الحال, قتلهم واستئصالهم.
فقال تعالى: " مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ " أي: ما ينبغي, ولا يليق به, إذا قاتل الكفار, الذين يريدون أن يطفئوا نور اللّه, ويسعون لإخماد دينه, وأن لا يبقى على وجه الأرض من يعبد اللّه, أن يتسرع إلى أسرهم وإبقائهم, لأجل الفداء, الذي يحصل منهم, وهو عرض قليل, بالنسبة إلى المصلحة المقتضية لإبادتهم, وإبطال شرهم.
فما دام لهم شر وصولة, فالأوفق أن لا يؤسروا.
فإذا أثخن في الأرض, وبطل شر المشركين, واضمحل أمرهم, فحينئذ لا بأس بأخذ الأسرى منهم, وإبقائهم.
يقول تعالى: " تُرِيدُونَ " بأخذكم الفداء وإبقائهم " عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا " أي: لا لمصلحة تعود إلى دينكم.
" وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ " بإعزاز دينه, ونصر أوليائه, وجعل كلمتهم عالية فوق غيرهم, فيأمركم بما يوصل إلى ذلك.
" وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " أي: كامل العزة, ولو شاء أن ينتصر من الكفار, من دون قتال, لفعل ولكنه حكيم, يبتلي بعضكم ببعض.